السبت، 5 سبتمبر 2015

هذا الدين (الجزء الاول)



إن هذا الدين منهج إلهي للحياة البشرية يتم تحقيقه في حياة البشر بجهد البشر أنفسهم وفي حدود طاقتهم  , وفي حدود الواقع 

المادي الذي يعيشون فيه , ميزته الاساسية أنه لا يغفل لحظة في أي خطة وفي أي خطوة عن فطرة الإنسان وحدود طاقته وواقع 

حياته المادية , كما أنه في الوقت ذاته يبلغ به كما تحقق ذلك  وكما سيتحقق دائما كلما بذلت محاولة جادة إلى مالم يبلغه أي منهج 

اخر من صنع البشر على الإطلاق , وذك في يسر وراحة وإعتدال لكن يبقى أن المشكل كله ينشأ عندما لا ندرك طبيعة هذا الدين أو 

نسيانها وإنتظار الخوارق المجهولة لترتفع بنا , تلك الخوارق التي تبدل فطرة الانسان ولا تبالي طاقاته المحدودة ولا تهتم بواقعه 

المادي , إن هذا الدين أنزل على البشر ليطبق وفق طاقاتهم المحدودة ومستواهم البيئي المحدود , وهذا ما علمتنا السيرة النبوية 

فالانتصارات التي حققها المسلمون لم تكن تتنزل من السماء فقط بل دفع المسلمون من ارواحهم واموالهم واهلهم من اجل ان 

يصل هذا الدين الى ما وصل اليه , وان كان النصر من عند الله فقد ربطه الله عز وجل بالاعداد والثبات والصبر .

هذا المنهج الالهي الذي يمثله الاسلام في صورته النهائية كما جاء بها محمد صلى الله عليه وسلم , لا يتحقق في الارض وفي 

الدنيا الناس بمجرد تنزله من عند الله , لا يتحقق بكلمة "كن" الالهية مباشرة لحظة تنزله , ولا يتحقق بمجرد إبلاغه للناس 

وبيانه , ولا يتحقق بالقهر الالهي على نحو ما يمضي ناموسه في دورة الفلك وسير الكواكب , إنما يتحقق بأن تحمله جماعة من 

البشر , تؤمن به إيمانا كاملا وتستقيم عليه بقدر طاقتها , وتجتهد لتحقيقه في قلوب الاخرين وفي حياتهم كذلك , وتجاهد لهذه 

الغاية بكل ما تملك , تجاهد الضعف البشري والهوى في داخل النفوس , وتجاهد الذين يدفعهم الضعف والهوى للوقوف في وجه 

الهدى , وتبلغ من تحقيق المنهج الى الحد الذي تطيقه فطرة البشر , والذي يهيئه لهم واقعهم المادي ,على أن تبدأ بالبشر من 

النقطة التي هم فيها فعلا ,ولا تغفل واقعهم ومقتضياته في سير وتتابع هذا المنهج الالهي , ثم تنتصر هذه الجماعة على نفسها 

وعلى نفوس الناس معها تارة , وتنهزم في المعركة مع نفسها أو مع نفوس الناس تارة بقدر ما تبذل من جهد وبقدرما تتخذ من 

الوسائل المناسبة للزمان ومقتضيات الاحوال وقبل كل شيئ ....بمقدار ما تمثل هي ذاتها من حقيقة هذا المنهج , ومن ترجمته 

ترجمة عملية في واقعها وسلوكها الذاتي 

0 التعليقات:

إرسال تعليق